رحيل وزير مالية الإخوان يوسف ندا.. إمبراطورية الأموال المشبوهة في طريقها لخليفته
فضيحة بنك التقوى أطاحت بإمبراطورية الجماعة في أمريكا والأنظار تتجه إلى أسامة فريد
صدمة كبيرة زلزلت كيان جماعة الإخوان المحظورة، إثر إعلان وفاة يوسف ندا المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، والذراع المالي للتنظيم الذي تولى وزارة مالية الإخوان بعد سقوط خيرت الشاطر.
مصري يحمل الجنسية الإيطالية.. من هو يوسف ندا؟
لم تكن حياة يوسف ندا خلال طفولته صعبة، بل ولد لأسرة مقتدرة عام 1931 وكان ترتيبه الرابع بين أخوته البالغ عددهم 11 من الذكور والفتيات، وبين شوارع الإسكندرية ومزرعة والده تربى يوسف ندا، وتلقى تعليمه بمدرسة الرمل الابتدائية ومنها إلى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، ورأى فيه الإخوان ضالتهم المنشودة وعزموا على تجنيده في أسرع وقت، خاصة وأنه أصبح عضوا في اتحاد طلاب الكلية بالإضافة إلى قدرته على بناء علاقات سريعة مع من حوله.
ونجحت الجماعة عام 1947 في ضم العضو الجديد للتنظيم وبدأ يقرأ دستور الدم الذي سطره الإخوان بأرواح الأبرياء وأقلام المجرمين، وتغذى على أفكارهم المسمومة وشرب من نهر معتقداتهم التكفيرية، ليصبح فيما بعد أحد أهم أركان تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، ويتولى خزائن التنظيم فيما بعد.
اقرأ أيضا..
هل تعود حانات سوريا والملاهي الليلة للعمل تحت حكم «الشرع»؟
لسنوات وضعت جماعة الإخوان الشاب الجديد تحت أعينهم وربوه بعناية شديدة، حتى أصبح من أهل الثقة والمشورة، ودفعوا به إلى ميدان العمل المسلح، حيث كان أحد المتهمين الرئيسيين في محاولة اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر في حادث المنشية الشهير، وجرى القبض عليه وتقديمه للعدالة لكنه أفلت لعدم كفاية الأدلة، ولعلمه أنه سيسقط يوما ما قرر الهروب متجها إلى ليبيا ليبدأ في تكوين ثروة مالية ضخمة بمساعدة ملكها في ذلك الوقت إدريس السنوسي.
سبب حقد ندا على القذافي وسر ضياع ثروته
حقد دفين ظل كامنا في قلب يوسف ندا للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الذي اعتبره ندا السبب في تدمير مملكته المالية وضياع أحلامه وتبديد إمبراطوريته التي لا طالما حلم بها، ويرجع السبب في ذلك إلى العلاقة التي كانت تربط رجل الجماعة بملك ليبيا إدريس السنوسي الذي فتح خزائن البلاد لندا وأعطاه صلاحيات كبيرة للاستثمار في ليبيا، لكن ثورة الفاتح بقيادة القذافي جاءت لتطيع بالسنوسي ومعه مخططات يوسف ندا، الذي هرب من ليبيا بعدما علم أنه أصبح منبوذا ولا مكان له في ظل ثورة التطهير.
رحلة هروب تقود وزير مالية الإخوان إلى النمسا
انتهى دور يوسف ندا في ليبيا وكان لزاما عليه البحث عن مكان آخر ليبدأ فيه من جديد بعدما خسر أغلب استثماراته، وعاد لنقطة البداية، ووجد ندا في النمسا ضالته حيث توجه إلى فيينا العاصمة الاقتصادية، وهناك مارس لعبته التي تميز بها وهي الإقناع، وبدأ رحلة البحث عن شريك ولم يكن هناك بالنسبة له أفضل من علي غالب همت، رجل أعمال سوري كبير وفي الوقت ذاته قيادي كبير للجماعة في سوريا وبعض الدول الأوروبية
اقرأ أيضا..
الماجيك مشروم مخدر قاتل يشبه الفطر.. يدمر القلب ويهدد بغيبوبة مميتة
اقتنع «همت» بفكرة المشاركة مع ندا، الذي كان قد تغول وأصبح له علاقات مع آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، وبسبب خبرة وزير مالية الجماعة في عالم المال، استطاع ترميم سمعته من جديد وأنشأ أسطولا للنقل وصوامع للأسمنت واتجهت أنظاره إلى بعض أسواق أوروبا لكن عينه كانت دائما على الشرق الأوسط وإفريقيا التي لطالما كان يراها الجنة التي طُرد منها.
فضيحة بنك التقوى وعلاقته بتمويل الإرهاب
امتدت علاقات يوسف ندا الاقتصادية لتصل إلى أكثر من قارة، حيث أسس عام 1988 ما يعرف بشبكة التقوى للشركات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة قيادات من جماعات الإخوان، ووضع نفسه على رأسها كرئيسا لمجلس الإدارة، ليترك منصبه بعدها بقليل بسبب القوانين المنظمة.
بنك التقوى وتمويل الجماعات..ما علاقته بأسامة بن لادن؟
ظل الوضع على ماهو عليه، ووسع يوسف ندا من أعمال بنك التقوى بمشاركة بعض مديري الأصول النازية، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية بدأت في ملاحقة البنك بعد ما تأكدت من ارتباطه بتمويل جماعات إرهابية، ووجود معاملات مالية مع عائلة أسامة بن لادن التي تلاحقها الإدارة الأمريكية حينها ليتم تجميد أصول بنك التقوى بتهم تخصيص أموال لتمويل نشاطات إرهابية ضد الغرب، وامتد الأمر وصولا إلى إلغاء ترخيص البنك كذلك في جزر البهاما وسويسرا وألمانيا.
اقرأ أيضا..
السماء تمطر جثثا.. ضحايا حوادث الطائرات يتساقطون في الحدائق والمطارات
جرى اتهام يوسف ندا بالتورط في تمويل أحداث 11 سبتمبر التي استهدفت برجي التجارة في الولايات المتحدة وجرى وضعه على قوائم الإرهاب، وجرى محاصرة أعمال ندى في العديد من الدول خاصة بنك التقوى المشبه، وخضع وزير مالية الإخوان للإقامة الجبرية في سويسرا، إلا أنه استطاع الإفلات بسبب عدم توافر الأدلة إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتقوم الولايات المتحدة بشطب اسمه من قوائم الإرهاب.
الحكم على يوسف ندا بالسجن 10 سنوات
شهد العام 2008 نقطة تحول في حياة يوسف ندا، إذ جرى إحالته إلى المحاكمة العسكري، وبتاريخ 15 إبريل من العام ذاته جرى الحكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابيا، بالإضافة إلى 25 قياديا آخرين بالجماعة المحظورة بينهم خيرت الشاطر وحسن مالك، وذلك على خلفية اتهامهم بتبيض أموال وتمويه منظمة محظورة.
لم يدم الأمر طويلًا، فمع وصول محمد مرسي للرئاسة، أصدر قرارا بالعفو عن يوسف ندا.
من يدير خزائن الإخوان بعد رحيل ندا؟
خلال فترة إدارة الراحل يوسف ندا لملف أموال الجماعة، برز اسم القيادي أسامة فريد عبدالخالق، باعتباره مدير أموال الجماعة في أوروبا، بالإضافة إلى كون والده هو صاحب فكرة بناء إمبراطورية مالية للجماعة في الخارج.
وفي عهد الجماعة كان أسامة مسؤولًا عن استثمار جزء كبير من أموال الجماعة في مصر وخارجها، وذلك عبر إدخالها في استثمارات ضخمة بمجالات عدة على رأسها تجميع السيارات والأدوية، وبرغم عدم الإعلان عن خليفة ندا بشكل مباشر، إلا أن فريد يظل الخيار الأول.