أشلاء مُتحللة تحت الركام.. هدنة غزة تكشف فظاعة الحرب الإسرائيلية
ربما سكتت أصوات البنادق في غزة لكن معاناة سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون شخص لم تنته بعد، فهم يبحثون بشكل يائس عن جثث أقاربهم المفقودين تحت أنقاض المنازل أو المدفونين في مقابر جماعية منذ الأشهر الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية.
وعادة ما كانت تتم عمليات الدفن في غضون ساعات قليلة من الوفاة في مقابر جماعية، ويعد الفشل في استعادة الجثث أمرًا مؤلمًا بالنسبة لأسر الضحايا.
أكثر من 14 ألف مفقود
ولا يزال هناك 14 ألفًا و222 مفقودًا تحت أكوام الأنقاض الهائلة، منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر، تعذر الوصول إليهم أو اكتشافهم جراء العمليات العسكرية المستمرة لجيش الاحتلال، وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
انتشال نحو 200 جثة
وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني، فإنه تم انتشال نحو 200 جثة منذ دخول وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ يوم الأحد، مما أوقف الحرب المستمرة منذ 15 شهرًا، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 47 ألف شخص في غزة.
تحديات صعبة
ورغم أن خطر الضربات الجوية الإسرائيلية قد زال، إلا أن تحديات صعبة تواجه عمليات انتشال آلاف المفقودين الذين تحللت أجسادهم تحت الركام وعلقت أشلائهم في بقايا المنازل المدمرة، بسبب نقص معدات الحفر والآلات الثقيلة، وفق الدفاع المدني.
وفي حين استُبدلت أصوات القصف بالاحتفالات مع بدء وقف إطلاق النار في غزة، فإن الواقع الذي يواجه سكان القطاع لا يزال مأساويًّا.
طفولة مسلوبة
وتقدر وزارة الصحة في غزة، أن الحرب الإسرائيلية على القطاع تسببت في فقدان 32 ألفًا و152 طفلًا أباءهم، فيما فقد 4 آلاف و417 أمهاتهم، وفقد 1918 طفلًا كلا الوالدين.
وتعتبر أعداد الأيتام في غزة شهادة واضحة على حجم الألم الذي يعانيه سكان القطاع جراء حرب الإبادة الإسرائيلية.
أطنان من الأنقاض
وأظهر تقييم للأضرار أجرته الأمم المتحدة هذا الشهر أن إزالة أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض التي خلفها القصف الإسرائيلي في غزة قد يستغرق 21 عاما ويتكلف ما يصل إلى 1.2 مليار دولار.
ووفق الأمم المتحدة، فإن ثلثي المباني في غزة، أكثر من 170 ألف مبنى، تهدمت أو سويت بالأرض جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، وهذا يعادل حوالي 69% من إجمالي المباني في القطاع المنكوب.
وتركت الحرب أكثر من مليوني فلسطيني في غزة بلا مأوى أو دخل، وأصبحوا يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، حسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن 808 شاحنات مساعدات دخلت قطاع غزة، الأربعاء، وهو اليوم الرابع من سريان اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.
ويشترط اتفاق وقف إطلاق النار، السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات إلى غزة كل يوم من المرحلة الأولى من وقف النار التي تستمر 6 أسابيع، منها 50 محملة بالوقود، وسيُسلم نصف شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع.
واندلعت الحرب في غزة عقب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، واختطاف حوالي 250 رهينة، وفق إحصاءات إسرائيلية.
نهاية محتملة للحرب
وأطلقت حركة حماس مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، الأحد، سراح ثلاث رهائن إسرائيليين، في المقابل أفرجت إسرائيل عن 90 أسيرًا وفتاة فلسطينية من السجون.
وتعد هذه هي أول عملية إطلاق سراح رهائن منذ نوفمبر 2023، عندما أدت الصفقة الأولى إلى توقف القتال لمدة ثمانية أيام وإطلاق سراح أكثر من 100 أسير إسرائيلي.
ومن المقرر إطلاق سراح 30 رهينة آخرين خلال الأيام الـ42 المقبلة كجزء من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي توسطت فيه مصر والولايات المتحدة وقطر.
كما سيتم إطلاق سراح أكثر من 700 سجين فلسطيني، بما في ذلك حوالي 275 سجينًا متهمين بقتل إسرائيليين ويقضون أحكامًا بالسجن المؤبد.
ويشمل الاتفاق أيضًا إطلاق سراح أكثر من ألف فلسطيني آخرين من غزة اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء الحرب ولكنهم لم يشاركوا في هجوم السابع من أكتوبر 2023.
في اليوم السادس عشر لوقف إطلاق النار، ستبدأ إسرائيل وحماس المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي من المفترض أن تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين، ووقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة.
وفي المرحلة الثالثة، سيتم إعادة جثث الرهائن الذين ماتوا أثناء احتجازهم في غزة إلى عائلاتهم، وإطلاق خطة لإعادة إعمار غزة مدتها من ثلاث إلى خمس سنوات تحت إشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.
واليوم، يترقب أكثر من مليوني شخص في غزة نهاية حرب الإبادة الإسرائيلية للبدء من الصفر تقريبًا.