الجنة المفقودة.. كيف تبدو لوس أنجلوس؟
هل هذا حقيقي؟ يظل هذا الشعور قائمًا حتى وأنت تستنشق الهواء المليء بالدخان وتفرك الرماد من عينيك الحمراوين، بينما تحلق طائرات إطفاء الحرائق فوق المحيط لالتقاط المياه قبل أن تعاود الإقلاع ببطء نحو السماء، يبدو المشهد وكأنك في موقع تصوير فيلم كارثي.
تصبح الأمور حقيقية مرة أخرى، بسرعة، عندما يظهر رجل في فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يسير ببطء في طريق تيميسكال كانيون، مرتديًا قبعة فريق دودجرز، وقناع N95، وزيًا جراحيًا مغطى بالغبار.
الواقع يفرض نفسه، يمتد الدمار الناجم عن حريق باليساديس لأميال على طول الطريق السريع على ساحل المحيط الهادئ، منازل محترقة، شواطئ مغطاة بالرماد، وسكان مذهولون يبحثون عن بقايا حياتهم.
قصص مأساوية بين الرماد، بول أوستن، 61 عامًا، طبيب أسنان، غادر منزله في الساعة السادسة صباحًا يوم الثلاثاء للذهاب إلى عيادته في سيمي فالي، أثناء غيابه، قال إن منزله الذي عاش فيه 20 عامًا وكل ما فيه تقريبًا دُمر تمامًا.
بصوت مليء بالحزن، لا يستوعب أوستن -الذي لم يغيّر ملابسه منذ ثلاثة أيام- حجم الخسارة التي لحقت به، ثم توقف فجأة، وقد غلب عليه البكاء خلف قناعه ونظارته "لقد فقدنا كل شيء".
تتوقف دموع أوستين مازحا بأن الشيء الوحيد المتبقي في ممتلكاته هو تمثال سانتا في فناء منزله، من بقايا زينة عيد الميلاد التي طارت بعيدًا بفعل رياح غير مألوفة تشبه الأعاصير، سرعاتها تتراوح بين 70 و80 ميلًا في الساعة، أججت حريق منطقة باسيفيك باليساديس الساحلية هذا الأسبوع.
ما يُشبه إعصارًا من النيران التهم كل مزايا السلامة والأمان لمكافحة حريق داخل مدينة مجهزة بشكل جيد، أسطول صغير من طائرات الإطفاء ظل جاثمًا على الأرض، تدفقات المياه التي انطلقت من شاحنات الإطفاء المتكدسة كأنها ازدحام مروري اختطفتها الرياح وحولتها إلى رذاذ، ومع الطلب المفاجئ الهائل على شبكة المياه في المدينة، جفت صنابير الإطفاء بسرعة.
في تلك اللحظة، لم تكن كل مظاهر الثراء والتحضر والامتيازات في العالم ذات فائدة تُذكَر، كان السكان المذعورون يشعرون وكأنهم وحيدون على سفح جبل بعيد مشتعل.
مقاومة الحرائق أصبحت مستحيلة، فقط كل ما بالإمكان فعله هو إبعاد الناس عن طريقها، كانت الأحياء لا تزال تشتعل تحت الرماد على امتداد أميال على طول ساحل المحيط الهادئ، احترق أكثر من 5 آلاف مبنى، كان السكان الذين تملّكهم اليأس لمعرفة ما حل بمنازلهم، يتجادلون مع رجال الشرطة الذين صدرت لهم أوامر بإبعادهم عن مناطق الإخلاء.
دينيس ويفر، تعيش على تلة تطل على عشرات المنازل المحترقة على طريق ساحل المحيط الهادئ، تكافح لإيجاد كلمات لوصف المأساة، والمفارقة، التي يعيشها أصدقاؤها الذين فقدوا كل شيء بسبب الحريق على حافة أكبر مصدر للمياه في العالم، قالت لم أكن أتصور قط أننا سنضطر إلى الإخلاء، لأننا بعيدون للغاية عن الجبال، نحن على بعد 100 قدم فقط من المحيط الهادئ، هذا جنون!
المشهد يذكر بمآسي حرائق أخرى مشابهة، مثل حريق كامب فاير في مقاطعة بوت عام 2018، وحريق لاهاينا في ماوي عام 2023، لكن هذه المرة يبدو غير مألوفًا بالنسبة لأولئك الذين لم يسبق لهم زيارة باليساديس، وهو يستمتع بصور كاليفورنيا التي ظهرت في عروض مثل "باي واتش"، أو الأفلام مثل "بوينت بريك"، كان يرى في هذه المنطقة "لوس أنجلوس" التي طالما حلم بها، لكن اليوم، هذا الحلم تحول إلى رماد.