"نهر دم" في سوريا.. حقيقة ذبح آلاف العلويّين بعد سقوط الأسد
تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، على نطاق واسع، صورًا تظهر مجرى مائي لونه أحمر، زاعمين إنّها دماء آلاف المدنيين السوريين من الطائفة العلويّة التي ينحدر منها الرئيس الهارب بشار الأسد، قتلوا بعد سقوط حُكمه، على يد الفصائل المسلحة التي تقع البلاد تحت إدارتها حاليًا.
يأتي ذلك في ظل تفاقم قلق حكومات أجنبية ومخاوف واسعة في الداخل السوري من اندلاع أعمال انتقامية ذات بعد طائفيّ في سوريا بعد سقوط حكم عائلة الأسد الذي استمر 53 عامًا، على الرغم من إظهار الإدارة السورية الجديدة التسامح تجاه الأقليات في البلاد.
وعلى وقع المخاوف السائدة، زعم منشور مرفق بصورة يظهر فيها مجرى مائيّ باللون الأحمر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أكثر من عشرة آلاف سوري من أبناء الطائفة العلويّة قُتلوا أو ذُبحوا على يد السلطات السوريّة الجديدة.
ويُقدَّر عدد العلويين في سوريا بحوالي 3 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة ملحوظة من سكان البلاد.
ويتركز وجودهم في الساحل السوري، وخاصة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى مناطق في حمص وحماة وريف دمشق.
لكن الحديث عن آلاف القتلى من المدنيين في سوريا، ومن العلويين خصوصًا، منذ سقوط بشار الأسد غير صحيح، وينطوي على مبالغات، حيث أن الصورة التي يظهر فيها مجرى مائيّ باللون الأحمر هي لأتربة كثيفة في نهر بردى في دمشق، يعود تاريخ نشرها إلى شهر مايو من العام 2023.
وبحسب وسائل إعلام سورية، قيل آنذاك إنّ الصورة مصوّرة في مجرى نهر بردى في دمشق، واللون الأحمر سببه امتزاج الأتربة بماء النهر إثر الأمطار الغزيرة.
انفلات أمني
وفيما لم تشهد سوريا أحداث عنف طائفيّة على نطاق واسع منذ سقوط حُكم عائلة الأسد، سجلّت حوادث قتل استهدفت أشخاصًا بداعي أنّهم كانوا على صلة بالحكم السابق، في ظلّ حالة من الانفلات الأمنيّ.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سقط 94 مدنيًا سوريًا من الطائفة العلويّة منذ سقوط حكم بشار الأسد.
وفي حين تبنّت الإدارة السورية الجديدة منذ وصولها الى دمشق بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، خطاباً معتدلاً، وتعهّدت حماية الأقليات بما في ذلك العلويين، تواجه الآن تحديات صعبة على رأسها فرض الأمن وحماية الدولة المتعددة الطوائف والعرقيات من انهيار أكبر بعد 13 عامًا من حرب أهلية مدمّرة.
وأدى الصراع السوري إلى مقتل أكثر من 500 ألف شخص ونزوح الملايين وتقسيم البلد إلى مناطق نفوذ تديرها الأطراف المتحاربة بمستويات متفاوتة من الدعم الأجنبي.