ارتفاع الأسعار وتنوع المحتوى.. كيف تتأقلم السينما المصرية مع جمهورها الجديد؟
اختلفت أذواق الجمهور خلال السنوات الأخيرة تجاه السينما، وبالتالي تبدلت إيرادات شباك التذاكر بشكل كبير، وأصبحت الأفلام المعروضة بدور العرض أيضًا تواجه اختلاف كبير عن السنوات السابقة.
وذلك بعد أن أصبح الجمهور المصري، أكثر تنوعًا في اختياراته السينمائية، وزادت أهمية منصات البث الرقمي كوسيلة رئيسية للوصول إلى الأعمال السينمائية وتنوع المحتوى المطلوب.
ارتفاع سعر المشاهدة
تأثرت السينما المصرية بشكل عام بتحديات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة، مما أثر على إيرادات دور السينما في بعض الفترات، على الرغم من ذلك، حققت بعض الأفلام الموسمية إيرادات جيدة، خاصة في مواسم الأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى. لكن تبقى أزمة أسعار التذاكر، التي وصلت إلى 130 جنيهًا، من أكبر الأزمات التي تواجه دور العرض السينمائي في مصر، تيجة لذلك، بدأ الجمهور في البحث عن بدائل لمتابعة الأفلام السينمائية الجديدة.
التحول إلى المنصات الرقمية
بدأت منصات البث الرقمي مثل "نتفليكس"، "شاهد"، و"ديزني+" في أخذ حصة كبيرة من سوق المحتوى الترفيهي في مصر، سواء للأعمال السينمائية أو التليفزيونية. وقد بدأت بعض شركات الإنتاج في توزيع أفلامها مباشرة على هذه المنصات، إما بسبب الظروف الاقتصادية أو ضعف الإقبال في دور العرض السينمائي. بعض الأفلام التي كانت متاحة فقط على المنصات الرقمية حققت نجاحًا كبيرًا، وهو ما يعكس التحول في استهلاك المحتوى الترفيهي.
تطور الذوق السينمائي للجمهور
خلال السنوات الأخيرة، أصبح ذوق الجمهور المصري أكثر تنوعًا، حيث أصبح يميل إلى الأفلام التي تتناول موضوعات عميقة أو قضايا إنسانية. في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، كان الجمهور يميل إلى الأفلام الكوميدية الخفيفة، ولكن مع مرور الوقت، بدأ يفضل الأعمال التي تعكس قضايا اجتماعية وإنسانية. يمكن ملاحظة ذلك في أفلام مثل "الهوى سلطان" و" البحث عن منفذ لخروج رامبو".
كما أن السينما المصرية بدأت تحقق حضورًا قويًا في المهرجانات الدولية الكبرى مثل مهرجان كان، مهرجان القاهرة السينمائي، ومهرجان فينيسيا، مما أسهم في تغيير الأذواق المحلية والعالمية على حد سواء.
التأثر بالتقدم التكنولوجي
مع التقدم في التكنولوجيا، بدأ العديد من صناع السينما المصرية في استخدام مؤثرات الصورة والصوت لتقديم أفلام تعكس الواقع بطريقة فنية. مثلاً، الأفلام التي تتناول فترات تاريخية أصبحت تعتمد على مؤثرات بصرية تتناسب مع الزمان والمكان المعروضين في الفيلم. يمكننا أن نرى هذا بوضوح في أفلام مثل "الفيل الأزرق" و"موسى".
ورغم أن السينما المصرية لم تصل بعد إلى مستوى الإنتاج العالمي، إلا أن هناك محاولات مستمرة للوصول إلى ذلك.
ظهور السينما المستقلة ودور "زاوية"
ظهر نوع جديد من الجمهور الشبابي المهتم بالأفلام المستقلة، والتي يمكن مشاهدتها عبر منصات معينة أو في دور عرض خاصة مثل "سينما زاوية". هذه السينما تهتم بعرض الأفلام التي تعرض أفكارًا غير تقليدية، إضافة إلى عرض أفلام قديمة بعد ترميمها، مما لاقى قبولًا كبيرًا لدى الجمهور. وقد أدت هذه العروض إلى إقبال أكبر، مما جعل "زاوية" تضطر إلى إعادة عرض هذه الأعمال بناءً على طلب الجمهور.
بشكل عام، يمكن القول إن ذوق الجمهور المصري في السينما قد تحول مع مرور الوقت من الترفيه البسيط إلى مزيد من التنوع والاهتمام بالموضوعات المعقدة. الجمهور أصبح يبحث عن قصص تعكس واقعه وتوجهاته الثقافية والاجتماعية. إن تطور السينما المصرية يواكب التحولات التي يشهدها المجتمع المصري، ويعكس في الوقت ذاته التحولات التكنولوجية والثقافية التي تشهدها صناعة السينما على مستوى العالم.