رحلة الدراما السورية.. صعود ونجاح وصراعات ما بعد الأزمة
مرت الدراما التليفزيونية السورية بمراحل عدة، كانت بدايتها مع القطاع العام الفني المصري، في بداية الستينيات، وشهدت فترات مختلفة ما بين نشأة ونمو و ازدهار، لعدة عقود، تبعتها فترة انحدار لم يتُوقع متى ستعود من بعدها الدراما التليفزيونية السورية إلى طبيعتها مرة أخرى.
ومع ما تعانيه دولة سوريا حاليا من تقلبات سياسية وتغيرات اجتماعية يشهدها المجتمع، بالتأكيد سيكون لذلك تأثير كبير على الحياة الفنية.
ونرصد من خلال هذا التقرير الدراما التليفزيونية السورية من مراحل تطورها وازدهارها وصولا لانحدارها..
نشأة الدراما السورية رفقة مصر
كانت بداية الأعمال التليفزيونية السورية، مع عام 1960، وكان ذلك مع بداية الصناعة السينمائية المصرية التابعة للقطاع العام، ومع تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا، تم إنشاء المؤسسة العامة للسينما عام 1963.
ونتج عن ذلك انحسار دور القطاع الخاص لحساب القطاع العام، وتغير على أثر ذلك طبيعة الأعمال المنتجة من التجاري إلى الموجه سياسيا واجتماعيا.
الشراكات والإنتاج المتعدد في سوريا
وتطور الأمر في السبعينات بإنتاج وحدات مونتاج، وتعبه الإنتاج الملون للأعمال التليفزيونية، ومنها إنتاج عدد لابأس به من الأعمال.
وكانت بداية تقديم أعمال تاريخية، وفانتازيا، وظهر عدد مختلف من المسلسلات، كما أن عدد الأعمال وصل إنتاجه إلى 70 عمل، وازداد العدد في الثمانينات مع تطور ملحوظ في الأدوات الإنتاجية، كما تم بناء شراكات مع تلفزيونات واستديوهات عربية ذات باع في الإنتاج، وكان أشهر هذه الشراكات في الإمارات.
ومع الثمانينات، ظهر مسلسلات الأجزاء، والتي أصبحت بعد ذلك منهجًا للأعمال السورية واتي حققت نجاح كبير، منذ "مرايا" وصولًا لـ"الهيبة".
ولكن استطاعت الدراما السورية أن تحجز لها مكان حقيقي في الدراما العربية بداية من فترة التسعينات، وهي ما ظهر بها قصص مختلفة ونجوم بدأوا في الانتشار بدول الوطن العربي، مثل سوزان نجم الدين، سولاف فواخرجي، قصي خولي وغيرهم.
في التسعينات أيضاً بدأت شركات الإنتاج السورية الخاصة بالخوض في إنتاج أعمال تلفزيونية، وتم فتح الباب أكثر أمام عمليات الإنتاج بعد أن كان مقتصرا إما على الإنتاج الحكومي أو الإنتاج المشترك.
ومع الوقت زاد الإنتاج الخاص وتم اعتباره منهج استثماري يتم التربح منه بعد أن أصبح للدراما السورية مشاهدين كُثر داخل سوريا وخارجها، وبدأت عمليات توزيع تلك الأعمال تأخذ مسارها.
ثروة الفن السوري
كان ما سبق جميعه هو نواه لنبته الفن السوري الحقيقية، مع بداية الألفينات، حيث أنها أصبحت تنافس وبقوة الدراما المصرية، وأصبح هناك نجوم وقصص للأعمال الفنية جاذبة ما بين تاريخ الحارة السورية والأعمال الحديثة القريبة من الشارع، إضافة إلى الرومانسي الذي قُدم بطريقة مختلفة بالأعمال السورية.
تطور الإنتاج الدرامي السوري كمًّا ونوعًا، وبات ينتج ما يقارب 40 مسلسلاً في كل عام، وصولًا لعام 2011.
انهيار الدراما السورية وعمليات الدمج
بعد ما أصاب سوريا من صراعات بداية من عام 2011، واجهت سوريا أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وهو ما أدى إلى هروب شركات الإنتاج بالتأكيد.
وترتب على ذلك شراكات بين الفنانين السوريين رغبة في البقاء على الساحة، وكانت هذه الشركات التمثيلية مٌقسمة ما بين مصر ولبنان، وكان إنتاجها غالبًا خليجي عبر منصة شاهد أو قنوات الـ mbc.
ولم تستطع الدراما السورية خلال تلك الفترة ، أن تقدم قالب جديد، وبقيت تدور حول نفسها في استكمال مسلسلات فقدت بريقها عند الجماهير، مثل باب الحارة الذي عرض جزؤه 21 في رمضان الماضي، وراهن القائمون عليه رهانا خاسرا.
وما أنتج غير ذلك في دول الخليج لم يقدم جديدا كبير في سوق الدراما، وتقاعد عدد لا بأس به عن العمل تماما.