صناعة الخراب.. تبدأ ببث الشائعات واستهداف المؤسسات وتنتهي بالفوضى الخلاقة

صناعة الخراب في الدول
صناعة الخراب في الدول

حروب الجيل الرابع تربح المعركة دون إطلاق رصاصة واحدة

اللجان الإلكترونية تطيح بحكومات عبر الفوضى الخلاقة

اعتمدت الحروب في الماضي على الأسلحة التقليدية، وتقدمت مع مر العصور وصولا إلى استخدام الأقمار الصناعية في التجسس والحروب البيولوجية والصواريخ الموجهة، وفي ظل عالم جديد مليء بالصراعات ومعطيات أكثر تعقيدًا، أصبحت الحروب لا تعتمد فقط على القوة العسكرية والعتاد، بل أصبح من السهل الإطاحة بحكومات دول وقادة دون إطلاق رصاصة واحدة، وذلك ما بات يعرف بحروب الجيل الرابع أو صناعة الخراب، فما هي.. وكيف لها القدرة على فعل ذلك؟

«صناعة الفوضى» ليست بالأمر الجديد، فقد استخدمت للقضاء على إمبراطوريات بالكامل، واستخدمه الكولونيل توماس إدوارد لورنس، الشهير بـ«لورانس العرب»، والذي ساعد بعض الدول في الثورة على حكم الإمبراطورية العثمانية والقضاء عليها، المصطلح نفسه، فالضابط البريطاني نفذ استراتيجيته المعروفة بصناعة الفوضى بشكل ممنهج، بل وترك خلفه كتابا في طرق بث الشائعات وتنفيذ الثورات.

مراحل صناعة الفوضى

تستطيع الشائعات المدروسة بعناية، والمخطط لها عبر الداخل والخارج، إصابة جسد الدول كما السرطان، وتبدأ في الانتشار سريعا حتى تقضي على الدولة أو على الأقل نظامها الحاكم، وهو ما حدث بشكل كبير فيما يعرف بثورات الربيع العربي، التي غيرت شكل الشرق الأوسط بالكامل، ولم ينجو منها إلا الدول الواعية المترابطة مثل مصر وتونس.

إثارة الشائعات واستهداف المؤسسات

وهناك عدة مراحل يجب أن تمر بها أو ببعضها على الأقل عملية «صناعة الفوضى» في مكان ما، وهي متشابكة ومترابطة ببعضها، تبدأ باستهداف مؤسسات الدول ونظامها الحاكم، ويجري ذلك عبر إثارة الشائعات واستهداف وتحويلهم إلى مسوخ، عبر تلفيق التهم والإدعاءت بما ينال من هيبتهم وتاريخهم السياسي، واستخدام الحوادث البسيطة وتضخيمها وتسليط الضوء عليها عبر غطاء إعلامي عبر القنوات المتاحة، خاصة وسائل السوشيال ميديا.

اقرأ أيضا..

الدولة تواجه حرب الشائعات.. بيع المتحف المصري الكبير وتأجير منطقة أهرامات الجيزة

واستكمالا لهذه المرحلة يتم شيطنة بعض المؤسسات خاصة الأمنية، للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة، ثم تبدأ مراحل التشكيك في وطنية القائمين عليها، وعجز الحكومات عن خلق حلول للأزمات الاقتصادية بشكل كبير لإثارة غضب المواطنين، وتجهيزهم لمرحلة التحرك.

اقرأ أيضا..

ضرب الاقتصاد وتحرك القوى الخارجية

يعتمد نجاح ما سبق على إحداث أزمة اقتصادية لدفع الشارع نحو الاحتقان وزيادة نقمته على الدولة، ومن ثم تبدأ عملية «الخنق الاقتصادي»، إذ تبدأ بعض الدول المستفيدة في فرض عقوبات اقتصادية على الدول المستهدفة لإرباك نظامها وإحراجه أمام المواطنين، ومن ثم تكون هناك حجة منطقة للتحرك، ويتم الاعتماد على رفع حدة الغضب على بعض العملاء الداخليين، ويتمثل ذلك في بعض الجمعيات ومراكز استطلاع الرأي والأشخاص المعروفين، وتحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصة لإثارة الفتنة، بالتوازي مع حملة ممنهجة على بعض القنوات الكبرى ترعاها الدولة المستفيدة.

دفع الشارع نحو الانفجار والاستعانة بالجماعات والشباب

مع زيادة حالة الاحتقان والغليان، تبدأ مرحلة استغلال الشباب ذوي التوجهات السياسية كنواة لتحريك الرأي العام، مع تمويل بعض المستفيدين في الداخل سواء كانوا معارضين أو حركات سياسية، وفي بعض الأحيان أحزاب سياسية وجماعات، لهم أطماع شخصية، ومن ثم تنظيم صفوفهم وخلق شعارات متقاربة وأهدافا تتغير من وقت آخر للضغط على الحكومات إلى مالا نهاية.

تطوير الفوضى ورفع وتيرة الصدام

بمرور الوقت وزيادة حالة الاحتقان تبدأ مرحلة الصدام، وتعد الأهم بالنسبة للدول المستفيدة من انهيار الأنظمة، إذ يبدأ العملاء الممولون تحت راية المنظمات الحقوقية، وكاميرات القنوات الخارجية في إحداث حالة من الهرج في الشارع، عبر اقتحام المقار الحكومية وأقسام الشرطة ومؤسسات الدولة، والتنكيل بأعضاء النظام، وفي بعض الأحيان تنفيذ عدة اغتيالات، لتصوير الأمر كما لو كانوا هم الضحية، وأنهم يجري استهدافهم من قبل مؤسسات الدولة، ويتم لي ذراع الحقائق عبر شاشات القنوات وعلى صفحات السوشيال.

في الوقت ذاته تقوم الدولة المحركة كذلك بخلق بعض الاضطرابات على حدود الدول المستهدفة، لتشتيت تركيزها بين الداخل المشتعل والحدود الملتهبة، وبالتالي تصعب من مهمتها في تهدئة الرأي العام الداخلي.

تحديد الهدف والوصول للمرحلة الأخيرة

في ظل وصول الأمور إلى الصدام المسلح، واستخدام بعض البلطجية والجماعات السلاح ضد الدولة، يتم التواصل مع بعض الشخصيات المؤثرة المشاركة في المؤامرة، أو الأحزاب داخل الدولة المراد هدم أركانها، للتجهيز للمرحلة الأخيرة وهي السيطرة على الأوضاع، ولم شمل محدثي الفوضى تحت ذراعها، للإطاحة بالنظام القائم المستهدف، ومن ثم توجيه الرأي العام تحت شعارات البناء والاستقرار، كما فعلت جماعة الأخوان الإرهابية في السابق.

فشل شائعات الإخوان في استهداف الدولة المصرية

منذ سقوط نظام الإخوان، وهناك حرب شعواء يشنها فلول الجماعة في جميع أنحاء العالم، مستقوين ببعض الدول في ذلك، للنيل من هيبة مصر، وبين الحين والآخر تطلق الجماعة شائعات تتعلق بشكل مباشر بالمواطن، إلا أن مؤسسات الدولة تقوم بتفنيدها وكشف الحقائق، وهناك عشرات الشائعات التي أطلقتها الجماعة، التي كانت تقوم بنشر فيديوهات مفبركة من وقت لآخر لتأليب المواطنين.

اقرأ أيضا..

كيف يروج الإخوان للشائعات

في عام 2020 بدأت جماعة الإخوان في استغلال اختفاء طالبة من منزل أسرتها بالإسكندرية، للترويج لما أطلقوا عليه «عودة ريا وسكينة»، ونشرت العناصر النشطة للجماعة على وسائل التواصل أن هناك عمليات خطف تستهدف الفتيات في المحافظة، وطلبت من السيدات عدم النزول من المنازل، وكذا منع بناتهن من الذهاب إلى المدارس.

اقرأ أيضا..

بعد قرار وقف إطلاق النار.. خسائر الاحتلال الإسرائيلي في غزة

من جانبها أكدت أجهزة وزارة الداخلية كذب الإدعاء، حيث جرى استعادة الفتاة، وتبين أنها ذهبت لمقابلة أحد مشاهير تطبيق تيك توك، ولكنها فشلت في ذلك فبقيت في القاهرة واستقرت عند أحد الأِشخاص حتى عادت إلى أسرتها.

لم تكن هذه الشائعة هي الوحيدة، إذ جاءت كذبة رفع الدعم عن الخبز نهائيا، لتظهر الوجه القبيح للجماعة، حيث نفت وزارة التموين الكذبة، وأكدت أن الدعم ما زال ساريا.

فيما دأبت أبواق الجماعة المحظورة، على الظهور عبر قنوات فضائية تبث سمومها من الخارج، للترويج للشائعات، ومحاولة الوقيعة بين الشعب، لكن تظل وحدة مصر هي حائط الصد ضد كل ما يحاك لها من مؤامرات.

تم نسخ الرابط