ثروة ونجومية واستعراضات.. كيف تأثرت السينما المصرية بالحرب العالمية الثانية؟
كانت مصر أحد مستعمرات دول الصراع بالحرب العالمية الثانية، كونها مُحتلة من بريطانيا العظمى، ورغم تأثر كافة جوانبها بهذا الصراع سواء سياسيا أو إجتماعيا وماديا، إلا أن السينما كان لها وضع مختلف تماما ومغاير لكافة الدول التي شاركت في الحرب العالمية الثانية.
وقد تكون أيضًا مصر من الدول التي خرجت رابحة من الحرب العالمية الثانية في مجال السينما، وهو ما سنحاول إيضاحه من خلال الأسطر القادمة.
المكسب المادي للسينما بسبب الحرب
مع استمرار الحرب العالمية الثانية لمدة 6 سنوات متتالية، أصبح من الصعب وصول الأفلام العالمية وما كانت تحمل في طياتها من جنسيات مختلفة لدور العرض المصرية.
وبالتالي سمح هذا للسينما المصرية أن تأخذ مساحة أكبر من شباك الإيرادات، بعد أن أصبحت هي المتفردة الوحيدة بالأعمال المعروضة.
ومع هذا حقق عدد من المنتجين ثروات طائلة بسبب الحرب العالمية، وذلك لقيامهم بإنتاج عمل فني لا يتعدى الـ 10 جنيهات، ليحصل على عشرات الآلاف من الجنيهات.
وكان من ذلك فيلم "سر طاقية الإخفاء" الذي تم إنتاجه في 1944 تكلف حوالي 6 ألاف جنيه وحقق 91 ألف جنيه.
النجومية على حساب الحرب
كان هناك ترابط ذهني وعقلي كبير بين المصريين والغرب، طبقا لما يعيشونه من واقع اجتماعي في فترة الثلاثينيات والأربعنيات، لوجود تماس معيشي مع العقلية الغربية.
وبالتالي كان هناك حب للسينما الأجنبية، بعد اقتصار دور العرض على الأفلام المصرية لظروف الحرب، أدى ذلك إلى خروج عدد كبير من النجوم استطاعوا أن يسطروا تاريخهم ويسطروا أيضًا تاريخ في السينما المصرية.
وكان من أهم هؤلاء النجوم يوسف وهبي، الذي حاول أن يقدم العديد من الأفكار المختلفة جدا على السينما وخاصة في بداية الأربعينات، وأيضًا نجيب الريحاني الذي حصل على مساحته كاملة في عالم الكوميديا ليتربع عليها بأفلامه مثل "سي عمر" وغيره.
ولكن في فترة الحرب، كان لمعان كبير لنجم كل من ليلى مراد وأنور وجدي، والأخير زادت شهرته أيضًا كمنتج وليس كممثل فقط، كما ظهر فريد الأطرش وأسمهان كبطلين غنائيين في هذه الفترة وتقديمهما لعدد من الأفلام جعلت منهم نجوم كبار .
نقل أجواء الحرب للشاشة
سارت مصر في اتجاه مغاير لكل الدول المستعمرة إبان الحرب العالمية الثانية، فسعت العديد من الدول للتصوير الحي للعمليات العسكرية التي تحدث في الدول المختلفة والتي كانت تُصرف بها العديد من الأموال.
ولكن مصر كان لها اتجاه أخر وهو عدم النظر لما يحدث بالحرب من الناحية العسكرية من قريب أو من بعيد، ولكن كان الأهم هو تأثير هذه الحرب على الحياة الاجتماعية المصرية فقط.
وتم عرض هذا التأثير في أفلام لاحقة لما بعد انتهاء الحرب وليس أثناء عرضها بالأساس، وكان منها "السوق السوداء، لعبة الست، خان الخليلي، اسكندرية ليه، زيزينيا".
ولكن اعتمدت الأفلام المُنتجة والمعروضة في وقت الحرب ذاتها، تميزت بطابعها الكوميدي والغنائي دون غيره مع وجود الأفلام القليلة مما تتسم بالطابع الجاد.
مصر ما بعد الحرب
تغير حال السينما في مصر ما بعد الحرب العالمية الثانية بشكل جذري، فتضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلمًا عام 1944 إلى 67 فيلمًا عام 1946.
ولمع عدد من المخرجين مثل أحمد بدرخان وهنري بركات وحسن الإمام وإبراهيم عمارة وأحمد كامل مرسي وحلمي رفلة وكمال الشيخ وحسن الصيفي وصلاح أبو سيف وكامل التلمساني وعز الدين ذو الفقار، كمخرجين باحثين عن الواقع وتقديمه على الشاشة محاولين الابتعاد عما عانته السينما وقت الحرب وما بعدها قليلا.